الخميس، 21 مارس 2013

( الروشتة ) قصة قصيرة بقلم الأديب / أسعد أبو الوفا أحمد


( الروشتة ) قصة قصيرة
بقلم الأديب / أسعد أبو الوفا أحمد 

 
 
 جلست أحدث نفسي قائلا :

لقد عادت ذكرياتي ، و ها قد اقتربت فرحتي من الحدوث
 وإعطاء إشارة البدء لانطلاقها ،وسألت نفسي :شئ عجيب، 
بعد عناء السنين سيتحقق حلم حياتي فالتي أحبها اقتربت 
مني ،بل إني –أنا –الذي اقتربت منها .

ماتت أمي –رحمها الله - وكانت أمنية حياتها أن يتحقق حلمي 
الذي كنت دائما أسعى لتحقيقه وهو ان أجتمع مع حبيبتي وأكون
 قريبا منها بل وتحتضنني ولا تفارقني ،كم حلمت أن أسير في
 طرقاتها و أتلمس جدرانها ،بل وأشم رائحة المواد الكيميائية
 المنبعثة منها وأرتدى المعطف والقفازين وأضع السماعة 
حول عنقي ، وأضع الكمامة على فمي وأنفي ، وأمسك المقص
 بيدي وأنا أجرح المريض مشكورا لأني أعالجه ، وأنزع 
الفاسد من جسده ،وأستأصل التالف من بنيانه ،ويروق
 لي منظر الدماء المسيلة .

تذكرت عندما كنت طفلا يافعا ،فقد كنت ألعب مع جار لي 
يصغرني بسنوات ،كنت أسرق خرطوم المياه وألعب معه لعبة 
(الطبيب والمريض ) وأضع الخرطوم على قلب جاري لأسمع
 دقاته ،واّخذ ورقة من كراستي ،وأكتب فيها على استعجال 
كلمات مكونة من بعض الحروف الإنجليزية مضيفا إليها بعض
 التواءات وانحناءات حبر قلمي و أقول إنها أدوية لك فسارع 
في صرفها ولا تتوان ،وكنت أنهر جاري الصغير أحيانا :لابد
 أن تحافظ على مواعيد تناول الأدوية حتى لا تسوء حالتك .

ويجري الصغير إلى الصيدلي:خذ أيها الطبيب اصرف لي هذه
 الأدوية ، ويصيح الصيدلي :أما كفى مزاحا ولعب أطفال 
اذهب و إلا عاقبتك .

جلست أتذكر هذه الأيام البريئة وأني ما زلت أحلم أن أكون
 طبيبا يشار له بالبنان ، فالطبيب له راتب شهري معقول ،وله 
عيادة خاصة تدر عليه حليب المال ،والكل يحتاجه ويحدثه
 باحترام ،والطبيب هو الطالب الأعلى درجات في الشهادة 
الثانوية الأكبر مجموعا فعملت جاهدا لذلك ، 
وهكذا اقترب الحلم.

وبينما أنا على حالي هكذا ،دخلت على موقع في شبكة الإنترنت
 قد ظهرت به النتيجة و أعلنت ، ونشرت قبل وصولها المدرسة
 ،وكلي شغف لأراها ولأهنئ نفسي قبل تهنئة الناس إياي فإذا
 بالنتيجة على غير المتوقع فقد كان مجموعي لا يغني عني
 شيئا ،ولا ينفع لالتحاقي بما أتطلع إليه ، العجيب أني رأيت
 مجموع (جاري الصغير ) يكفيه ليدخل كلية الطب بجدارة 
 فهو سيصير الطبيب وأنا سأصير المريض ..

0 التعليقات

إرسال تعليق